يفكر العديد من موظفي القطاع الخاص أحيانا بتغيير الوجهة نحو الحكومي, طمعا في بعض مميزات الوظيفة العمومية, كما قد يحتار البعض من حاملي الشواهد الذين لا زالوا دون عمل في الاختيار بين التوظيف في القطاع العام أو الخاص وأيهما الأفضل بالنسبة لهم.
سنقدم لكم في هذا المقال إيجابيات وسلبيات التوظيف في القطاع العام و أهم ما يميز الوظيفة العمومية عن باقي أنواع التوظيف. وذلك من أجل تسهيل الاختيار بمعرفة خصائص التوظيف مع الدولة والإحاطة بجوانبه.
إيجابيات و مميزات الوظيفة العمومية
بالنسبة للوظيفة العمومية أو الحكومية بشكل أكثر دقة, فنجد أن هناك ثلاث مميزات أو إيجابيات تستحق أن نتوقف عندها :
الاستقرار الوظيفي
أول ما يتبادر إلى ذهننا عند الحديث عن الوظيفة العمومية هو الاستقرار والوظيفي, هذا الشعور المريح هو ما يبحث عنه الجميع.
بعد قضاء وقت طويل في المعانات مع البطالة، فإن الأمن الوظيفي و إمكانية الاحتفاظ بوظيفتك حتى التقاعد تشكل قيمة مضافة حقيقية وأمرا يجب تقديره، حتى لو لم تكن ظروف العمل أو الأجر الشهري بالشكل الذي كنت تتوقعه من الوزارات الوصية أو المستشفيات, القطاع الأمني والعسكري, أو أي مصلحة حكومية أخرى.
من المهم كذلك معرفة أن الاستقرار والأمن الوظيفي لا يتم اكتسابه إلا بعد نهاية فترة التدريب التي عادة ما تستمر لمدة سنة أو أكثر في بعض مصالح الدولة.
إمكانية خلق مسار مهني
عندما تلج الوظيفة العمومية، فإن الميزة الأولى لهذه الأخيرة هي أنه قد تمكنك من التقدم بثبات في حياتك المهنية.
في الواقع، يتدرج موظفوا القطاع العام في السلم بطريقة شبه مضمونة كل خمس أو ست سنوات اعتمادًا على درجتهم، مما يسمح لهم بالتطور الوظيفي وتحسين ظروفهم الاجتماعية. يمكنهم أيضًا بعد اجتياز امتحانات الكفاءة المهنية، الاستفادة من التقدم في سلم التوظيف والأجور.
قد يؤدي هذا التغيير في الدرجة غالبا إلى زيادة المسؤولية، ولكنه يسمح أيضًا بتطور راتبك بما يتماشى مع حجم مسؤوليتك الجديدة.
من الممكن أيضًا لموظفي القطاع الحكومي الاستفادة من ما يسمى حالة التوفر“mise en disponibilité” التي تسمح لهم بتعليق وظيفتهم والعمل في مكان آخر، مع إمكانية العودة دائمًا لوظيفتهم السابقة.
على سبيل المثال يمكن لأستاذ أن يعلق وظيفته ويخوض تجربة مهنية في أوروبا وإن فشل أو أراد الرجوع يمكنه العودة لوظيفته السابقة كأستاذ وهذا الأمر يعد من أبرز مميزات الوظيفة العمومية في المغرب, وكذلك تونس, فرنسا وبعض الدول الأخرى التي توفر هذه الإمكانية.
تجربة العديد من المناصب والمهن
توفر الوظيفة في القطاع الحكومي إمكانية الوصول إلى عدد كبير من المناصب. فمن السهل جدًا اليوم الانتقال في الوظيفة العمومية من مهنة أو منصب إلى آخر. إضافة لهذا، عندما تكون موظفا عموميا, يمكنك أن تعمل في مناصب فنية أو إدارية أو ممارسة مهن في القطاع الاجتماعي.
كما أنه من الممكن أن تكون رجل أمن أو ممرضا أو مفتش ضرائب أو أن تعمل في الجماعات المحلية ومهن أخرى. بتعبير آخر يمكنك أن تجد أن معظم المهن الموجودة في سوق الشغل متوفرة في الوظيفة العمومية.
مديروا الموارد البشرية، مسيروا مواقع التواصل الاجتماعي، وفنيوا المياه والصرف الصحي، مدربي التنمية الذاتية، ومساعدون في رعاية الأطفال، المبرمجين ومتخصصي تكنولوجيا المعلومات، إلخ. لذلك من الممكن الانتقال من مهنة إلى أخرى بشرط أن تتوفر فيك شروط المهنة الجديدة.
على سبيل المثال، يمكن أن يتحول مساعد إداري في الجماعات المحلية من منصبه إلى متخصص في الاستقبال لدى الخزينة العامة للملكة وهذا مجرد مثال على سلاسة تغيير المهنة في الوظيفة العمومية.
نضيف أيضا امتيازا مهما للوظيفة في القطاع العام، وهو أنه من الممكن أن يتقدم المرء في حياته المهنية ويتطور بفضل الوصول السهل إلى الكثير من الدورات التكوينية التي توفرها الدولة مجانا لموظفيها.
سلبيات الوظيفة العمومية والعمل في القطاع الحكومي
حتى لو اعتبرنا العمل في القطاع الحكومي شيئًا إيجابيًا للغاية، فالحقيقة أنه ليس كل شيء وردي وإيجابي فيه. هناك أيضًا بعض العيوب والسلبيات التي يتسم بها القطاع العام والتي يجب مراعاتها.
اجتياز المباريات وحدة التنافسية
حتى لو بدا نظام التشغيل بعد اجتياز مباراة قديمًا بعض الشيء، إلى أنه لا يزال القاعدة الأولى والباب الأول لدخول الوظيفة العمومية. لكن هذا الأمر قد يشكل عائقا لبعض الاشخاص الذين يعتقدون أن لديهم المهارة والكفاءة اللازمة لشغل المنصب, ولا يحتاجون لاجتياز مباراة التوظيف.
يجب أن نعرف كذلك أنه تاريخيا، تم اختيار تنظيم مباريات التوظيف لسببين: أولاً وقبل كل شيء يتم تنظيم المباريات لاحترام مبدأ التميز والاستحقاق الذي يتمثل في توظيف الأفضل للوظيفة العمومية وأداء مهام القطاع الحكومي بأكمل وجه.
من جهة أخرى، كان الأمر يتعلق باحترام مبدأ الوصول المتكافئ للجميع إلى الوظيفة في القطاع العام، وبالتالي مع تنظيم المباراة والمنافسة العادلة، سيتمتع جميع الأشخاص بنفس فرص النجاح, وستكون الحظوظ متساوية.
مبدأ التنافسية و اجتياز المباراة، حتى لو بقي هو القاعدة لولوج الوظيفة العمومية، إلى أنه يعرف المزيد والمزيد من الاستثناءات. في الواقع ، يتزايد الانضمام إلى القطاع الحكومي بنظام التعاقد وهو نظام لطالما تميز به القطاع الخاص, ولنأخد التعليم على سبيل المثال الذي أصبح منطويا تحت هذا النظام. ما يترجم توجه الدولة إلى الخوصصة شيئا فشيئا. وبالتالي زعزعة الامتياز الكبير الذي تتسم به الوظيفة الحكومية المتمثل في الاستقرار والأمن الوظيفي.
انعدام إمكانية مناقشة الراتب
بشكل عام، وخاصة في المناصب الإدارية، نجد أن الأجور منخفضة في الوظيفة العمومية مقارنة بالقطاع الخاص. إضافة لهذا, من الصعب جدًا على موظف عمومي بل ويستحيل عليه أن يتفاوض أو يناقش راتبه مع الجهة المشغلة. لأن جميع موظفي القطاع العام يحصلون على أجر محدد حسب المنصب و سلم الأجور الذي ينتمي إليه هذا المنصب.
تكون المساحة الوحيدة للمناورة أحيانا هي على مستوى المكافآت التي قد يكون من الممكن التفاوض بشأنها في بعض الحالات. لكن المكافآت ليست سوى جزء صغير من الأجر وفوق كل شيء يتم احتسابها في التقاعد وهذه مشكلة حقيقية.
يتوفر للموظفين بالتعاقد في بعض مناصب الوظيفة العمومية المزيد من الفرص للتفاوض حول راتبهم إذا كانوا يحملون الدبلوم المطلوب والكفاءة اللازمة لشغل هذا المنصب, وأخص بالحديث هنا المناصب العليا والإدارية حيث يمكنهم بالفعل مناقشة الترتيب وسلم الأجور الوظيفي الذي يسمح لهم بالحصول على الراتب الصافي الذي يريدونه.
اجتياز المباريات من أجل التدرج في السلم
حتى بعد اجتياز المباراة والنجاح في الحصول على وظيفة في القطاع العمومي، لا يزال من الضروري اجتياز امتحانات مهنية أخرى من جل التطور والتقدم في مرتبتك. هذا هو الحال بشكل خاص إذا كنت ترغب في التدرج والانتقال من مرتبة إلى أخرى أعلى منها.
يجب أن تكون مستعدًا لاجتياز المباريات عند ولوج القطاع العام، لأنه حتى الآن لا توجد طريقة أخرى للتقدم في منصبك. يتم انتقاد هذا النظام أحيانًا لأن هناك أشخاصًا لا يتمكنون من التطور في وظيفتهم، لأنهم لا ينجحون في الامتحانات المهنية بينما يتمكن بعض آخرون من النجاح في هذه الامتحانات على الرغم من أنهم ليسوا بالضرورة مؤهلين لشغل مناصبهم الجديدة.
يبقى اجتياز المباريات واحدا من سلبيات الوظيفة العمومية, وهذا النظام يشكل القاعدة في القطاع الحكومي, ولأنه لا يوجد خيار آخر يجب عليك التعامل مع هذا الأمر.
لقد تطرقنا إلى أهم مميزات الوظيفة العمومية مع ذكر بعض سلبياتها, لكن لا ننسى أن أي وظيفة سواء في القطاع الخاص أو العام تشتمل على جانب سلبي و جانب إيجابي, فحاول دائما النظر إلى الجانب الإيجابي في عملك من أجل حياة مهنية سعيدة.