يعد إنشاء مشروع خاص أحد العوامل التي يمكن أن تمنحك الاستقلالية المادية, والتي تعتبر أبرز إيجابيات العمل الحر. وليس هذا فقط بل هناك العديد من الجوانب الإيجابية الأخرى التي ستكتشفها بعد دخول عالم المقاولة.
نقدم لكم في هذا المقال مزايا انشاء مشروع تجاري أو افتتاح مقاولتك الخاصة وكذلك بعض العوائق والسلبيات المرتبطة بهذا الاختيار.
لماذا يجب أن تنشئ مشروعك الخاص؟
إذا كنت تقرأ هذه السطور، فغالبا أنت تفكر في أن تصبح مقاولا وتؤسس مشروعك أو شركتك الخاصة. لكن قبل اتخاد هذا القرار، يجب أن تتأكد من أنك لست بصدد ارتكاب خطأ فادح. ولهذا تطرح في ذهنك السؤال التالي : لماذا يجب أن تبدأ مشروعك الخاص؟ وما هي إيجابيات العمل الحر؟
إنشاء مشروع صغير أو كبير ودخول عالم المقاولة ليس بأمر سهل. هذا القرار يعني الدخول في إجراءات إدارية معقدة أحيانا، والتعامل مع بعض المجالات كالمحاسبة والتسويق التي قد لا تعرفها، باختصار عليك أن تكون أحيانا مغامرا ومجنونًا لتصبح رجل أعمال ناجح. إذا لماذا تنشأ مشروعا بدل من اللجوء إلى الوظيفة التي تبعدك عن هذه المشاكل؟
باختصار ، إذا كنت تسأل نفسك هذه الأنواع من الأسئلة ، فهذا يعني أنك في طريق صحيح نوعا ما. لذلك سنساعدك باكتشاف مزايا إنشاء مشروعك الخاص وكذلك عيوبه. سنبدأ أولاً بإيجابيات العمل الحر والمقاولة ثم سنذكر بعض العيوب.
ماذا ستحقق عند بدأ مشروعك أو عملك الحر
1- الحرية الشخصية
هل سئمت من التعامل مع رئيسك المتسلط, وتعبت من استبداده وإملائه عليك ما يجب أن تفعله وما لا يجب أن تفعله؟
بالنسبة للعديد من الأشخاص، فإن إنشاء مشروع صغير أو شركة هو قبل كل شيئ شكل من أشكال الحرية والابتعاد عن العبودية والتبعية المرهقة التي قد تخلقها الوظيفة.
إن إنشاء مشروعك الخاص أو شركة صغيرة هو وسيلة للتخلص من كل هذا. لكن لا يجب أن يكون هذا هو السبب الوحيد لرغبتك في دخول عالم الأعمال. في الواقع، إن إنشاء مشروع تجاري خاص لمجرد “أن تكون رئيس نفسك ولا يتحكم فيك أحد” ليس غاية في حد ذاتها. خاصة وأن واقع الاستثمار والمقاولة قد يجعلك تندم على اختيارك.
2 – اختيار المشروع ونوع العمل
تعني الاستقلالية الشخصية الاختيار المدروس لمشروعك الخاص ونشاطك وطريقة عملك. يختار بعض الأشخاص مجال استثمار يتطابق مع وظيفتهم أو مهنتهم إلى حد ما، أو مجال يدخل ضمن اهتماماتهم أو شغفهم. لكن أحيانا قد يصاب المرء بخيبة أمل عندما يجد ظروف العمل نفسها تتكرر.
لا تتسرع في دخول أي نشاط قبل دراسة السوق جيدا, والتخطيط للأمر مع وضع كل الاحتمالات في الحسبان والاستعداد لها. قد تساعدك وظيفتك السابقة إن كنت ستنشأ مشروعا يشبه عملك السابق, إنها طريقة جيدة للاستعانة بخبراتك السابقة واستخدامها من أجل تحسين مشروعك وتفادي الأخطار.
هذا أيضا وحده لا يكفي بالضرورة لبدء عمل تجاري. تأكد من أن مشروعك أو مجال نشاطك ثابت ومتطور. ستكتشف هذا من خلال الدراسة الجيدة للسوق.
3- اختيار المتعاونين
إن امتلاك إمكانية اختيار الأشخاص الذين سنعمل معهم هو راحة وامتياز كبير كثيرا ما ننساه عندما نتساءل عن سبب إنشاء مشروعنا الخاص.
إذا لم تكن تفكر في مشروع يمكنك من العمل بشكل فردي، فإن إنشاء شركتك الخاصة أو تطوير مشروعك الخاص يتيح لك توظيف الأشخاص الذين تختارهم. لكن يجب عليك أن تعطي اهتماما كبيرا لمرحلة الانتقاء. لكن للأسف غالبًا ما يتجاهل بعض المقاولين هذا الأمر. في بعض الأحيان ، يؤدي تحول الأشخاص إلى “أرباب العمل” إلى تصرفهم بنفس الطريقة التي يتصرف بها رؤسائهم السابقون.
لكن النجاح بجزئه الكبير يأتي من العمل والمجهود الذي يقوم به من يعملون معك. لا تنسى ذلك! ومن هنا تأتي أهمية اختيار من سيعملون معك من الأشخاص الأكفاء الذين تقدرهم. علاوة على هذا، إن نجحت في تكوين فريق بعلاقات جيدة بينهم سيتجاوزون كل المشاكل التي قد تواجه مشروعك وستكون الكفاءة عالية على المستوى الجماعي.
هذا ما لم يفهمه معظم المستثمرين وأصحاب الشركات, ما ينتج فرق عمال مرهقة حيث يعمل كل موظف فقط من أجل نجاحه الشخصي والبقاء في منصبه. هل هذا حقا ما تريده؟
إن القيادة ليست ممارسة التسلط، أو أن تصبح ديكتاتورًا لعالم صغير يسيطر عليه التوظيف والراتب. القيادة هي ببساطة “إعطاء التوجيه والقدوة” ، ثم دع كل موظف يقوم بعمله على النحو الذي يراه مناسبًا.
4- أرباح ومداخيل
لنكن صادقين: عندما تنشأ مشروعك الخاص، فهذا يعني أنك تريد أرباحا ومداخيل أكثر, وليس هناك حرج في هذا الأمر. لكن في الحقيقة سوف يستغرق الأمر وقتًا وكثيرًا من العمل للوصول إلى النتائج المرجوة. ليس هناك ضمانة أن انشاء مشروعك سيعطيك راتبا أكثر من وظيفتك السابقة.
تعطي الدولة مساعدات أو تخفيضات في الرسوم الاجتماعية أو مساهمات من صندوق الضمان الاجتماعي لقطاعات معينة أو أنواع من المشاريع، لكن هذا يستمر لفترة قصيرة فقط. ناهيك عن حقيقة أن الوضع يمكن أن يتغير إذا قررت الدولة خلاف ذلك.
لهذا، إذا كنت تتساءل عن سبب بدء مشروعك المقاولاتي وإجابتك الوحيدة هي: ربح المزيد من المال, فربما يجب عليك إعادة التفكير في وضعك.
5 تطوير قيمتك
بصفتك موظفًا، فإن عملك ومهارتك هي من تضيف قيمة إلى الشركة أو المؤسسة التي تشتغل فيها. لذلك فإن أجرك الشهري هو انعكاس لقيمتك في الشركة ، وليس صدقة يمنحها لك مدير الشركة.
لهذا فإن التفاوض على راتبك يعد أمرا مهما في حياتك المهنية كموظف. القاعدة بسيطة: المهارة = القيمة = المال. وعالم المشاريع والمقاولات يدخل مباشرة في هذه المعادلة.
إن تطوير حرفة أو مهارة أو نشاط يجعلك “الأقوى” في منطقتك يمكن أن يكون سببًا للرغبة في بدء مشروعك التجاري الخاص. وبالتالي ستضيف أنت كذلك القيمة إلى موظفيك. إن تطوير نشاط الفرد يجعل من الممكن تطوير قيمته الذاتية من خلال توفير حل للصعوبات التي قد يواجهها الآخرون وبالتالي إعطائهم مزيدا من القيمة كذلك.
إنشاء مشروع تجاري : السلبيات
قد يبدو إنشاء شركة أو مؤسسة فردية أو مشروع صغير وكأنه مغامرة جميلة ومثيرة للاهتمام. لكن لسوء الحظ، هناك أيضًا عيوب وعوائق عند اتخاد قرار إنشاء مشروعك التجاري. لهذا تأكد من الموازنة بين الإيجابيات والسلبيات قبل اتخاذ قرارك.
1- إجراءات مرهقة
إن إطلاق شركة جديدة ليس أمرا بسيطا كما يبدو, خصوصا من جانب الإجراءات الإدارية والقانونية التي عليك المرور منها, والتي تكون مرهقة أحيانا خصوصا إذا لم تكن الدولة تعطي تسهيلات إدارية للمقاولين الجدد.
وبالتالي ، فإن فكرة المشروع وحدها ليست كافية. ستحتاج إلى إجراء دراسة للسوق لمعرفة ما إذا كان السوق الذي تنوي دخوله واعدا أم شديد المنافسة وصعب. ثم يجب عليك بعد ذلك إعداد خطة عمل لإقناع الابناك أو المستثمرين بتمويل مشروعك أو دعمه.
سيتعين عليك كذلك اختيار الصيغة القانونية لشركتك (statut juridique). وهذا سيحتم عليك السباحة في المياه العكرة للصيغ القانونية للشركات (شركة مجهولة الإسم SA, أو شركة ذات مسؤوليات محدودة SARL إلخ) فكل صيغة قانونية للشركات تشتمل على إيجابيات وسلبيات وعليك اختيار الأنسب وتجنب الوقوع في فخ قانوني سيكلفك غاليا.
بعد ذلك، سيكون من الضروري المرور بمختلف الإجراءات الإدارية والتسجيلات و الإعلان عن النشاط في الجريدة الرسمية وهذا كله داخل متاهة حقيقية من المؤسسات والمنظمات الحكومية والخاصة.
لذلك فإن إنشاء مشروع تجاري بعيد كل البعد عن البساطة مثل ما يعتقد البعض, لهذا يجب أن تفكر مليا إذا كنت ممن لا يجيدون التعامل مع مختلف الإدارات.
2- تحمل المسؤولية
يمكن أن تكون الصيغة القانونية لشركتك أيضًا مشكلة كبيرة في حالة تراكم الديون أو الإفلاس. على سبيل المثال ، إن كان مشروعك شركة فردية ، فأنت مسؤول عن أموالك وأصولك وعن الديون التي قد تترتب على نشاطك.
بمعنى آخر، في حالة الإفلاس، سيتعين عليك تسوية الدائنين بنفسك، وسيتم الحجز على كل أموالك وأصولك حتى التي لا علاقة لها بنشاطك التجاري. بعبارة أخرى، عندما لا يكون لدى صاحب المشروع شريك، فإن المسؤولية الكاملة عن النشاط تقع على عاتق منشئ المشروع.
3- موازين ضريبية غير ملائمة
مرة أخرى، كل شيءة يعتمد على الوضع القانوني الذي اخترته لشركتك. سيتحدد الصيغة القانونية لشركتك النظام الضريبي الذي ستتبعه, لذلك وكما أشرنا سابقا مرحلة اختيار الوضع القانوني مهمة جدا.
حسب صيغة الشركة، سيكون لديك إمكانية الاستفادة من الإعفاءات والمزايا الضريبية (أو لا). إذا كان نظامك الضريبي سيئا، فإن فرضه بمعدل قوي سيؤثر عليك كثيرا. لذا عليك موازنة “الإيجابيات” و “السلبيات” بعناية ولا تهمل هذا الجانب، لأنه من الصعب جدًا تغيير الوضعية القانونية للشركة أثناء اطلاقها وبداية النشاط.
4- انعدام الأمن المالي
لماذا قد تطلق مشروعك التجاري الخاص إذا كنت لن تستطيع حتى كسب قوت يومك منه؟ في الحقيقة إعداد مشروع خاص لن يجلب لك الاستقلال المادي تلقائيا.
هناك العديد من المخاطر التي يمكن أن تؤثر على مدخولك. يمكن ببساطة أن يكون ربحك منخفضا، وقد تجد نفسك عرضة للتغيرات الموسمية (وقت معين فقط من العام تحقق فيه أرباحا)، أو أن تتعرض لأزمة مفاجئة، مثل أزمة كوفيد -19، التي دمرت توقعات أرباح الكثير من المقاولين.
لهذا يجب التفكير كثيرا والاستعداد لجميع السيناريوهات, واعداد خطط جاهزة بعد دراسة معمقة, ولا تنس أن الأمر يستغرق 3 سنوات في المتوسط قبل أن تلاحظ انطلاقة المشروع بشكل جيد.
5 – الوقت والجهد
ليس فقط حجم حسابك البنكي هو المهم عند البحث عن تغيير حياتك للأفضل من خلال أن تصبح رائد أعمال، أليس كذلك؟ وهل أنت مستعد للتوقف عن احتساب الساعات والجهد لتطوير مشروعك؟
لم يعد أغلب رجال ورواد الأعمال يحسبون الساعات والجهد من أجل جعل مشاريعهم تقف على رجليها وتنافس في السوق. في الواقع يكون الجهد وساعات العمل مجحفة خصوصا في السنوات الأولي من إنشاء البيزنس الخاص بك، الوقت الذي ستقضيه في ما يتعلق بالجانب الإداري ، والجزء المخصص للمحاسبة، ولتطوير النشاط، للتسويق … والإجتماعات دون أن ننسى حل المشكلات العديدة التي ستواجهها في طريقك.
إذا لماذا قد تؤسس شركة صغيرة وتصبح رائد أعمال صغير في حين لن تجد المزيد من الوقت لنفسك وعائلتك؟ أفضل خيار هنا هو تطوير نشاط سيصبح آليًا في النهاية (كما هو الحال مع رجال الأعمال الذين يطلقون مشاريع على شبكة الإنترنت كالتجارة الإلكترونية على سبيل المثال). في هذه الحالة ، سيتم إعطاء الجهد والوقت فقط اثناء البدايات الأولى للمشروع.
عموما، يجب أن تفكر في هذا الجانب قبل البدء في إنشاء أي عمل حر.
إيجابيات وسلبيات العمل الحر
هل يجب أن تدخل نطاق العمل الحر هو سؤال يجب أن تطرحه على نفسك قبل أخد القرار وضعك. ستساعدك إيجابيات العمل الحر وسلبيات عالم ريادة الأعمال التي ذكرناها على تقديم إجابة أوضح وأكثر دقة من أجل أن تضع رجلك على المسار الصحيح منذ البداية.
إن إنشاء مشروعك الخاص وترك وظيفتك دون تفكير معمق، سيقودك في أحسن الأحوال إلى الإحباط بسرعة كبيرة في بناء تجارتك. وفي أسوأ الأحوال، سوف تضيع الوقت والمال وتنتهي بالإفلاس.
وإذا بدا لك نطاق التفكير والتساؤل واسعا جدا، فحدده بسؤال مختصر “لماذا تبدأ مشروعًا بدلاً من اللجوء إلى العمل والوظيفة؟ “. سيسمح لك طرح السؤال من هذه الزاوية (مع مزايا وعيوب الوظيفة) بوضع الجانبين في الميزان اختيار الجانب الواعد.
إذا اخترت ريادة الأعمال، فيمكنك البدء في البحث عن المعلومات (من خلال غرف التجارة والصناعة أو الأبناك أو الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ANAPEC حيث ستطلعك هذه المؤسسات على مجموعة من الخبايا وستعطيك معلومات حول الجانب الضريبي والاعفاءات والتسهيلات بل يمكنها أن تساعدك حتى في دراسة الجدوى من مشروعك و أمور أخرى
حاولنا في هذا المقال توضيح “عيوب وإيجابيات العمل الحر والمقاولة” إن ساعدكم هذا المقال, يرجى إعلامنا في التعليقات. لا تنسوا أيضًا مشاركة الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي. لتصل المعلومة بشكل أكبر.